مرض السكر مرض عضال؛ لا علاج له، يصيب حوالي عُشر سكان العالم (9.3%)، يعتبر السبب الرئيسي لـلعمى والفشل الكلوي والنوبات القلبية والسكتات الدماغية وبتر الأطراف السفلى، بين عامي 2000 و2016 كان معدل الوفيات الناجمة عن السكر 5%، وفي عام 2016 نفسه، كان مرض السكر مسئولاً عن 1.6 مليون وفاة، فقط للمقارنة، مرض كورونا -الذي هو مرض وبائي معدي خطير- تسبب في 3.8 مليون وفاة في عامين، أي 1.9 مليون في العام الواحد!
فنحن هنا نتحدث عن أحد أخطر الأمراض التي تهاجم البشر، بالرغم أنه ليس وبائياً أو حتى معدٍ إلا أنه يتسبب في وفيات كثيرة، ومريض السكر يلتزم بتقييدات شديدة تؤثر على نمط حياته، فحتى إن لم تتعرض حياته للخطر، فهو يعيش حياة ليست بالطبيعية.
في هذا المقال سنحاول أن نتعرف أكثر على مرض السكر، ما أعراضه، وأسبابه، وأنواعه، وكيفية التعايش معه.
اعراض مرض السكر
إذا شعرت بأيٍ من هذه الأعراض فقم بزيارة الطبيب فوراً:
1-الشعور بالعطش طوال الوقت.
2-التبول أكثر من المعتاد، خاصة ليلاً.
3-الشعور بالتعب الدائم.
4-نقصان الوزن والكتلة العضلية.
5-شعور بحكة في الأعضاء التناسلية.
6-الشفاء البطيء للجروح.
7-الرؤية المشوشة.
الفرق بين أعراض ارتفاع السكر وانخفاضه
مريض السكر يفتقد التحكم في مستوى سكر دمه، فقد يرتفع أو ينخفض أكثر من اللازم.
وأعراض ارتفاعه:
ألم البطن
قيء وغثيان
الشعور بالعطش أو الجوع
الحاجة للتبول بشكل مستمر
تغير رائحة الفم
الدوار
وفي حالة ارتفاع السكر فيجب مساعدة المريض في أخذ دوائه سريعاً، فإن لم يستجب للدواء عليه التوجه إلى مستشفى.
وأعراض انخفاضه:
الدوار والخدر
رعشة
التعرق الزائد
تسارع دقات القلب
برودة الجسم
وعند هبوط السكر يعطى المريض فوراً نصف كوب عصير أو ماء بسكر أو قطعة حلوى –لا يفضل الشوكولاتة لأنها تقلل من امتصاص الجلوكوز في الدم، وإذا لم يرتفع السكر تكرر العملية مرة أخرى، لا يوصى بالإسراف في الأكل كي لا يرتفع السكر لمستويات مرضية.
أنواع مرض السكر
هناك نوعان من مرض السكر:
1-مرض السكر من النوع الأول:
وهو اضطراب يجعل خلايا المناعة تهاجم وتدمر الخلايا المسئولة عن إنتاج الأنسولين –الهرمون المسئول عن تنظيم السكر في الدم-، ويحتاج مريض السكر من النوع الأول إلى حقنة أنسولين يومياً، ولا يرتبط مرض السكر من النوع الأول بعوامل مثل السن أو الوزن، ومعظم مرضى هذا النوع من الأطفال والمراهقين.
2-مرض السكر من النوع الثاني:
وهو يحدث نتيجة عدم إنتاج الكمية الكافية من الأنسولين، أو عندما لا تتفاعل خلايا الجسم مع الأنسولين، ويتميز بالمقاومة العالية للأنسولين، ويشكل هذا النوع غالبية مرضى السكر (حوالي90%).
وهناك أيضاً نوعان فرعيان لا يصنفان كمرض السكر، ولكنهما مؤهلان للإصابة بالسكر وهما:
1-ما قبل السكر: وهو ارتفاع السكر في الدم فوق الحد الطبيعي ولكن في نفس الوقت أقل من حد الإصابة بالسكر، وهذا يعتبر من مؤشرات الإصابة بالسكر.
2-سكر الحمل: عند الحمل تفرز المشيمة هرمونات تساعد على استقرار الحمل ولكنها تجعل الخلايا أكثر مقاومة للإنسولين، الطبيعي أن يفرزالبنكرياس المزيد من الأنسولين للتغلب على ذلك الخلل، ولكن أحياناً لا يستطيع مواكبة المشيمة فيؤدي هذا للإصابة بسكر الحمل.
متلازمة مقاومة الأنسولين
وتعني وجود كمية كافية من الأنسولين في الدم ولكنه غير قادر على أداء وظيفته، ولا يوجد سبب محدد لتلك الحالة، ولكن هناك عوامل مساعدة منها:
1-زيادة الوزن.
2-قلة ممارسة الرياضة.
3-تناول الكورتيزون لفترة طويلة.
4-الخلل في إفراز الكورتيزون.
5-التعرض للضغط المستمر.
6-متلازمة تكيس المبيض عند النساء.
أسباب مرض السكر
لا يوجد سبب محدد لمرض السكر، ولكن لكل نوع من أنواعه عوامل خطر قد تؤدي للإصابة بالمرض، فبالنسبة للنوع الأول:
1-عوامل وراثية: تزيد فرص الإصابة بالسكر من النوع الأول لدى الأشخاص ذوي الأباء أو الإخوة المصابين بنفس المرض.
2-بعض العوامل البيئية.
3-وجود خلايا مستضدة سكرية، وهي خلايا مناعية، والأشخاص الذين يملكون تلك الخلايا لديهم فرص أكبر للإصابة بالمرض.
وبالنسبة للنوع الثاني ومرحلة ما قبل السكر:
1-السمنة.
2-قلة النشاط والخمول.
3-عوامل وراثية.
4-التقدم في السن.
5-الإصابة بسكر الحمل عند النساء.
6-الإصابة بمتلازمة المبيض متعدد الكيسات عند النساء.
7-ارتفاع الدهون الثلاثية في الدم.
وبالنسبة لسكر الحمل:
1-كون المرأة الحامل أكبر من 25 عاماً.
2-عوامل وراثية.
3-السمنة.
مضاعفات مرض السكر
لمرض السكر بنوعيه مضاعفات خطيرة يمكنها أن تصل للإعاقة أو تهديد الحياة، نذكر منها:
أمراض القلب الوعائية. يَزيد مرض السكري من فرص الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية المختلفة، مثل انسداد الشريان التاجي مع الذبحة الصدرية والنوبات القلبية والسكتة الدماغية وتصلب الشرايين.
التهاب الأعصاب الطرفية (الاعتلال العصبي المحيطي)يُمكن أن يُؤدي ارتفاع السكر إلى إصابة الشعيرات الدموية التي تُغذي الأعصاب، وخاصة في الساقين وقد يَتسبب ذلك في الشعور بوخز أو خدر أو حرق أو ألم يَبدأ عادةً في أطراف أصابع القدم أو أصابع اليدين ويَنتشر تدريجيًّا إلى أعلى، وإذا تُرك بدون علاج، يؤدي لفقدان الإحساس في الطرف المصاب، وأحياناً يؤدي لضعف الإمداد الدموي للساق إلى تلف الساق تماماً وبترها، وأحياناً يصيب الأعصاب المرتبطة بالهضم مسبباً مشاكل كالغثيان أو القيء أو الإسهال أو الإمساك، وقد يُؤدي ذلك إلى ضعف الانتصاب عند الرجال.
التلف الكلوي. يَضر مرض السكري بكبيبات الكلى (المنقيات الصغيرة التي تنقي الدم في الكلى)، وقد يُؤدي التلف الشديد إلى الفشل الكلوي أو أمراض الكلى إلى مراحل تَتطلب غسيل أو زرع الكلى.
تلف العينين (اعتلال الشبكية).يُمكن أن يُؤدي داء السكري إلى تلف الأوعية الدموية في شبكية العين (اعتلال الشبكية السكري)، مما قد يُؤدي في نهاية الأمر إلى الإصابة بالعمى، كما يَزيد داء السكري من احتمالية حدوث حالات خطيرة أخرى متعلقة بالبصر، مثل إعتام عدسة العين والزَّرَق (المياه الزرقاء).
الحالات الجلدية.قد يَجعلك داء السكري أكثر عرضة للإصابة بمشاكل الجلد، بما في ذلك الالتهابات البكتيرية والفطرية.
ضَعْف السمع. تُعَدُّ الإصابة بمشاكل متعلِّقة بالسمع أمرًا شائعًا أكثر لدى الأفراد المصابين بداء السكري.
داء الزهايمر. يزيد مرض السكر من النوع الثاني من فرص الإصابة بالخرف، مثل مرض الزهايمر.
الاكتئاب. تَشيع أعراض الاكتئاب عند الأشخاص المصابين بداء السكري من النوع الأول والنوع الثاني. قد يُؤثر الاكتئاب على إدارة مرض السكري.
وأيضاً يتسبب سكر الحمل في مضاعفات تؤثر على حياة الطفل والأم، بالنسبة للطفل:
النمو الزائد.قد يعبر الغلوكوز الزائد المشيمة، مما يحفز بنكرياس الجنين على صنع المزيد من الأنسولين، قد يزيد هذا من نمو الطفل أكثر من اللازم.
انخفاض سكر الدم.يصاب الطفل بانخفاض سكر الدم بعد الولادة بقليل بسبب ارتفاع إنتاج الأنسولين لديه، ويعالج بالتغذية الفورية ومحلول غلوكوز وريدي في بعض الأحيان.
الإصابة بمرض السكر من النوع الثاني.
الوفاة. قد يتسبب سكر الحمل الذي لم يعالج في وفاة الطفل سواء قبل أو بعد الولادة بفترة قصيرة.
وبالنسبة للأم:
تسمُّم الحمل. وهي حالة قد تكون قاتلة لكلٍ من الأم والطفل، وأعراضها ارتفاع ضغط الدم وبروتين زائد في البول، وتورم في الساقين والقدمين.
توابع سُكَّر الحمل. إذا أصيبت الأم بسكر الحمل مرة، فهي معرضة للإصابة به في كل حمل تالٍ، كما تتعرض لخطر الإصابة بمرض السكر من النوع الثاني.
الوقاية من مرض السكر
الوقاية من مرض السكر تتلخص في أسلوب حياة صحي وسليم، من أكل طعام صحي منخفض الدهون والسعرات ومرتفع في الألياف، وممارسة الرياضة بانتظام، والمحافظة على وزن صحي، جميعها طرق تقي من مرض السكر أو تساعد مريض السكر على الحياة بشكل أفضل.
تحليل مرض السكر
يتم تشخيص مرض السكر عبر تحليل سكر الدم عادي، وتحليل سكر الدم بعد صيام على الأقل 8 ساعات واختبار تحمل الجلوكوز الفموي أو اختبار الهيموجوبلين السكري A1c، ، ويشخص المريض بمرض السكر إذا كانت نتيجة اختبار A1c تساوي 6.5% أو أكثر في يومين مختلفين، ولكن أحياناً يعطي ذلك الاختبار نتائج مشوشة وغير دقيقة، وعندئذٍ يتم اللجوء للاختبارات الثلاثة أعلاه، ويشخص المريض بمرض السكر إذا كانت نسبة السكر في الدم في التحليل العادي 200 ملليجرامديسيللتر أو أعلى، وفي تحليل الصائم 126 ملليجرامديسيللتر، أو ، ونتيجة اختبار تحمل الجلوكوز الفموي 200 أو أعلى.
في حالة الاشتباه في الإصابة بداء السكري من النوع الأول، فسيُختبَر المريض اختبارًا ليُرى ما إذا كانت لديه خلايا الجهاز المناعي المدمرة المرتبطة بمرض السكر من النوع الأول التي تُسمَّى الأجسام المضادة الذاتية.
علاج مرض السكر
لا علاج نهائي لمرض السكر، ولكن نمط الحياة الصحي من تناول أطعمة صحية وممارسة الرياضة يجعل المريض أقل تأثراً بالمرض، ويحتاج المريض أيضاً لمراقبة مستوى السكر في الدم بانتظام.
ويحتاج كل مرضى السكر من النوع الأول وبعض مرضى النوع الثاني إلى الحقن بالإنسولين بشكل مستمر، وهناك أنواع متعددة من الإنسالين مثل قصير المفعول وسريع المفعول وطويل المفعول، ويصف الطبيب النوع المناسب حسب كل حالة.
لا يمكن تناول الأنسولين عن طريق الفم لخفض سكر الدم؛ حيث إن إنزيمات المعدة تتداخل مع مفعول الأنسولين. يُحقن الأنسولين عادةً باستخدام إبرة رفيعة ومحقنة أو قلم الأنسولين .
مضخة الأنسولين أيضاً طريقة فعالة، والمضخة هي جهاز في حجم الهاتف المحمول تقريبًا تثبت خارج الجسم وبها أنبوب يعمل على توصيل خزان الأنسولين بقسطرة يتم إدخالها أسفل جلد البطن.
تتوفر الآن مضخة بدون أنبوب وتعمل بطريقة لاسلكية، يُمكن برمجة مضخة الأنسولين لتوزيع كميات معينة من الأنسولين، ويمكن تعديلها لتوفير نسبة أنسولين أكثر أو أقل اعتمادًا على الوجبات ومستوى النشاط ومستوى سكر الدم.
في سبتمبر 2016، اعتمدت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية أول بنكرياس اصطناعي للمصابين بداء السكري من النوع 1 للمرضى من العمر 14 عامًا أو أكثر. واعتُمد بنكرياس اصطناعي آخر في ديسمبر 2019، ومنذ ذلك الحين، تمت الموافقة على الأنظمة المخصصة للأطفال ممن تزيد أعمارهم عن سنتين.
يُعرف البنكرياس الاصطناعي أيضًا باسم مضخة الأنسولين ذات الحلقة المغلقة، يربط الجهاز المزروع جهاز مراقبة الغلوكوز المستمرة، وهو الجهاز المسئول عن التحقق من مستويات السكر في الدم كل خمس دقائق، بمضخة الأنسولين. يقوم الجهاز تلقائيًا بضخ كمية الأنسولين الصحيحة عند ظهور الحاجة لذلك بحسب جهاز المراقبة.
إذا تناول المريض جرعة إنسولين إضافية فعليه أن يتصل بالطبيب فوراً، وحتى يصل للمستشفى أو يأتيه الطبيب سيتناول كل نصف ساعة نصف كوب عصير ويقيس السكر ويراقب انخفاضه كي لا ينخفض لحد غير مرغوب فيه.
علاج سكر الحمل
يُعالج سكر الحمل عن طريق مراقبة والتحكم بمستوى سكر الدم، ويتم ذلك عن طريق الغذاء الصحي وممارسة الرياضة، وقد يصف الطبيب أيضاً حقن إنسولين إذا تطلب الأمر.
وسيراقب الطبيب أيضاً مستوى السكر أثناء المخاض لمعرفة إن كان الطفل سيعاني من انخفاض سكر الدم عقب الولادة نتيجة ارتفاع إفراز الأنسولين لديه.