قد تجد إنساناً سمعه قوي، وآخر يمتلك حدة في البصر، وثالث دقيق في الإحساس، ورابع مبدع في التعرف على الأشياء من خلال حاسة الشم، وخامس لديه فن التذوق، أي أن الحواس التي وهبها الله لنا تتواجد لدى الجميع ولكن بنسب ودرجات متفاوتة، ومما يثير الدهشة ويوقد العجب ويوقظ الانبهار أن هناك حاسة أخرى غير الحواس الخمس التي عهدناها، وهذه حقيقة بديهية، يعد البحث عن صحتها عبثاً غير مقبول فهي من المسلمات، هذه الحاسة لا يملكها الجميع ولكن يمكن امتلاكها!! نعم إنها الحاسة السادسة..
الحاسة السادسة حقيقة واقعية أم خيال وأوهام لا علاقة لها بالواقع؟
عزيزي القارئ.. الإجابة على هذا السؤال ليست بهذه السهولة، بل إن هذا السؤال حير كثيراً من الباحثين في هذا الصدد
الجميع مشتت بين واقعية الحاسة السادسة وخيالها، واتفاق هنا واختلاف هناك، وتناقض في النتائج وحيرة في المقدمات.
فالبعض زعم باحتمالية وجودها لدى الإنسان ولكنه لا يشعر بها، والبعض قال إنها أوهام ومشاعر لا تغني ولا تسمن من جوع، ولم لا وأنت ذاتك عزيزي القارئ لا تملك الإجابة على هذا السؤال!.
ولكن دعنا نزعم أن هذه الحاسة بعيده كل البعد عن الأوهام والخيال، فهي مرتبطة كل الارتباط بأشياء واقعية، فالتوقع والإحساس والتخمين المستند على مجموعة من الأدلة والمقدمات كلها أشياء معهودة وتحدث بشكل مستمر، وسنعرض عدة آراء في هذا الصدد كما يلي:
يرى الدكتور محمد السقّا مُدرّس علم الاجتماع في جامعات مصر أنّ الحاسّة السّادسة ليست سوى منحةٌ ربّانيّةٌ يهبها الله عز وجلّ لمن يشاء من عباده، وبالتالي فهي ليست درب من الخيال.
الدكتور وائل أبو الحسن أستاذ العلوم الصحية يفسرها بأنها ناتجة عن تفاعل الإنسان مع الآخرين عن طريق الحواي الخمس الأخرى، وبالتالي يدعم هذا الرأي وجودها.
دكتور عاطف سمير المختص في الأمراض النفسية والعصبية، يفسر هذه الحاسة بأنها رزق من الله يختص به من يشاء من عباده، وبالتالي فهي حقيقة وليست خيال.
الدكتور عبدالله مختار ينكر وجود الحاسة السادسة، ويستبدلها بالحدس الذي هو هبه من الله سبحانه وتعالى يلقيها على قلب العبد.
ومن خلال هذه الآراء تنكشف لنا الرؤية، ونجد إجابة شافية للتساؤلات وتستكين الشكوك، فالحاسة السادسة حقيقة واقعية وليست تخيلاً أو وهماً كما يزعم البعض، ولكن يبقى السؤال الأهم، ما هي الحاسة السادسة؟
ما هي الحاسة السادسة ؟
سؤال يطرح نفسه في ظل هذه الأوضاع، ما هذه الحاسة التي شغلت العديد من الباحثين، وتعددت حولها الآراء، وأثيرت بسببها الشبهات والخرافات، تعرف الحاسة السادسة بعدة تعريفات منها:
عبارة عن مجموعة من التأثيرات الخارجية تنتقل بواسطة غير معروفة، ويتم استلامها في منطقة غير معروفة في الدماغ لكنها تأتي مترجَمة على شكل إحساسات خاصة، وهي ظاهرة انتقال الأفكار والصور العقلية بين شخصين من دون الاستعانة بأية حاسة من الحواس الخمسة.
تعرف بأنها توقُّع الأشياء قبل حدوثها والشعور بها، وقد أشار الباحثون إلى أنّ الشّعور بما سيحدث أو توقّع أمرٍ خارج إطار الحواس الطبيعية لا يُعتبر أمراً خارقاً للعادة، لكنّه من الممكن أن يحدث نتيجة تخزين الدماغ لشتّى المعلومات فيما يتعلّق بموضوعٍ ما.
فكونك على دراية بكافة الجوانب الخاصةبموضوع معين، فهذا يجعلك تتوقع نتائجه قبل وقوعها، استناداً على مجموعة من المقدمات
فعندما تتوقع شيء ما ثم يحدث فهذا بكل بساطة يعرف بالحاسة السادسة.
وهناك مجموعة من الصفات لهذه الحاسة تتمثل في:
إدراك مالا يدركه الآخرون.
رؤية مالا يراه الآخرون.
الإحساس بالأمر قبل وقوعه.
هل نمتلكها جميعاً ؟
لعلك الآن عزيزي القارئ تود أن يكون لديك هذه الحاسة الإضافية
وقد تسول لك نفسك قائلةً إن الأبطال والأساطير وحدهم من يمتلكوا هذه الحاسة
ولكنك تود الوصول إلى إجابة مقنعة حول هذا السؤال
هل نمتلك جميعاً الحاسة السادسة؟
يعد السؤال السابق سهل في طرحه عسير في اجابته
ولكن الذي يدعوا للتفائل أن الحاسة السادسة تتشابه إلى حد كبير مع الحدس كما سبق أن ذكرنا، ولعل الإجابة الآن تتسلل داخلك نتيجة لهذه المعلومة
ولكن دعنا نقصر المسافات ونذكرها صريحةً
نعم الجميع يمتلك الحاسة السادسة ولكن بنسب متفاوته
هذا إذا تم تفسيرها بمعناها الطبيعي المتفق عليه من قبل علماء النفس حيث أنها تشبه الحدس أو تعد صورة متطورة له.
أما إذا افترضنا أنها تعني القدرة على إدراك أمور خارقة للعادة
وتفسير أحداث ما وراء الطبيعة، فإن ذلك لا يستوعبه العاقل واللبيب
ولا أحد يمتلك هذه المهارات، فهذا لا يتناسب مع ما نؤمن به في عقيدتنا الإسلامية.
ونختم قولنا ونوجزه في أن الجميع يمتلك الحدس الذي يشعرنا بأشياء غير مرئية في بعض الأوقات، ويخبرنا بالحذر من بعض الناس أو بعض المواقف.
كيف يمكن تقوية الحاسة السادسة ؟
إذا كانت الحاسة السادسة لدى الجميع، فلابد أن نعمل على تنميتها وتطويرها
حيث أن من خلال هذه الحاسة يمكننا تجنب العديد من المشاكل
وتخطى الكثير من العقبات، وهذا في حد ذاته ينمي داخلنا الفضول للتعرف على الكيفية التي يمكن من خلالها تنمية هذه الحاسة وتطويرها
وذلك من خلال عدة طرق تتمثل في:
اعتدال المزاج، فكلما كانت الحالة النفسية للفرد جيدة تنشط الحاسة السادسة والعكس صحيح.
الاسترخاء وهدوء الأعصاب.
التخيل وصفاء الذهن.
التركيز.
التأمل.
بقي أن نشير في هذا الصدد إلى أن الحاسة السادسة لا تتوقف على الذكاء أو تستند عليه بشكل أساسي، فالذكاء يتدخل في القدرة على التحليل المنطقي
ويدعم ذلك أن البدائيين والقدماء لديهم قدرات قد تكون خارقة أكثر من غيرهم
كما يعتقد العلماء، على الرغم من عدم استخدام القدماء التحليل المنطقي.
هل توجد الحاسة السادسة عند النساء ؟
أشعر أن ابني في خطر، أنا غير مطمئنة لهذا الشخص، أنت تكذب يا بني
لا تذهب لهذا المكان مجدداً فأنا أشعر أنه خطر عليك…….
كم مره سمعت هذا الكلام من والدتك؟!، وكم تفوهتي به أيتها الأم؟!
أرى أن الأنسب أن تجيب النساء على هذا السؤال!
فالنساء لديهم الإجابة، ولكن لعلك عزيزي القارئ تود أن تعرف الإجابة بنفسك حتى لا تلجأ لإحداهن فتسألها..
نعم عزيزي القارئ، تمتلك النساء الحاسة السادسة ولأن قوة العاطفة عند المرأة أكبر منها عند الرجل
والتعبير عنها يكون أكثر تقبلا في مجتمعنا إذا جاء من المرأة عنه إذا جاء من الرجل، فإن الكثيرين يربطون هذه الحاسة بالمرأة أكثر من الرجل
وهي بالفعل أقوى عند المرأة، لأنها تحاول أن تنميها بطريقة لاشعورية في مجتمع يعطي كل القوة، والحقوق للرجل.
والحاسة السادسة ما هي إلا استعمال الحواس الخمس المعروفة بطريقة تناسقية
بحيث يستطيع الفرد أن يستعمل كل حواسه في الوقت نفسه
ويتم هذا الاستعمال بكل القدرات والطاقات للوصول إلى مرحلة فوق إنسانية
أو روحية وعموماً فإن الحاسة السادسة قدرة يولد بها الإنسان
ولا تورث مثل الذكاء، وتتطلب نوعا من الشفافية، والنقاء الروحي، والإيمان لتأكيد قوتها وفعاليتها.