الكثير يسأل عن مناظرة شيخ الأزهر فما هي؟
مناظرة علمية دارت بين شيخ الأزهر، فضيلة الإمام الأكبر، الدكتور أحمد الطيب، وبين رئيس جامعة القاهرة الدكتور محمد الخشت.
في جلسة أدارها بامتياز السياسي المحنك، عمرو موسى، وكان موضوعها:
“التجديد في الفكر والعلوم الإسلامية”.
ضمن جلسات مؤتمر الأزهر العالمي للتجديد في الفكر والعلوم الإسلامية، برعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس جمهورية مصر العربية.
عزيزي القارئ، ربما قد افتقدت الأجواء الاكاديمية في عالمنا العربي المناظرات العلمية، بشكل كبير، فهي تُثري الحوار، وتخلق نوعًا جديدًا من التحفيز العلمي.
ولكن ماذا عن الجانب النفسي والثبات الانفعالي في المناظرات؟
إنّ الثبات الانفعالي والنفسي يؤثر بشكل كبير على سير المناظرة وعلى الفائز فيها.
فهل فكرتم يومًا في أن تمتلكوا هذه المقومات النفسية لكي تكونوا أكثر ثقة في أنفسكم إذا اضطررتم للمناظرات أو كانت جزء من عملكم.
وقد اختلف المحللون في الثبات النفسي للمتناظرين، فقد جاء الخشت إلى مؤتمر الأزهر واثقًا من نفسه.
يعرض مشروعًا جديدًا للتجديد مطالبًا بدفن التراث وإنشاء تراث جديد.
إلا أن الطيب انتظر حتى نهاية الجلسة وطلب من عمرو موسى المداخلة، ووافق موسى على المداخلة.
فابتدأ الطيب كلامه بشيء يسلب العقول، وهو قوله عن الخشت: “لولا أنه طلب – يعني الخشت – وقال لو أنا بقول غلط قولولي، ما كنت سأسهم في هذه الملاحظة السريعة، وأعدك أن أكون فيها إن شاء الله طيبًا”.
فماذا يعني الإمام الطيب بقوله (طيبًا) في كلمته هذه، مع أن الكلمة مشتقة من اسمه؟ وما دلالة الكلمة على طرف المناظرة الآخر؟ هل قصد ضغطًا نفسيًا عليه، ربما يكون كذلك!
ثم أكمل شيخ الأزهر أحمد الطيب، يرد على كلمة محمد الخشت: “سيادتك قلت: التجديد دا زي بيت أبويا، أحبه وأقدره، ولكن لا أسكن فيه، وأنتقل إلى بيت جديد، حضرتك – يعني الخشت – هذا ليس تجديدًا ولكنه إهمال وترك وإعلان للفرقة مع بيت الوالد، مع احترامي، التجديد ياسيدي يكون في بيت الوالد”.
فماذا قصد الإمام الطيب حين رد على الخشت من جنس كلامه، ويأخد مثله الذي ضربه للتوضيح، ثم يقلبه عليه.
وأثناء الكلمة كان الخشت قد أهدى شيخ الأزهر كتابا له عن التجديد عنوانه “نحو تأسيس عصري ديني جديد”.
فماذا تعني دلالة إهداء الكتاب من الناحية النفسية في وسط إلقاء الخشت للكلمة؟ يبدو أن الأمر ضغط من الناحية النفسية، ربما كان الأمر كذلك.
الرد الهادئ
ولكن شيخ الأزهر، أحمد الطيب، رد الأمر لرئيس جامعة القاهرة.
فحينما تحدث الخشت عن الحقيقة المطلقة، رد عليه الطيب بعدها بقليل، ينتقد رأيه في الحقيقة المطلقة بالقول:
أنا أسأل سيادتك: هذا الكتاب الجميل، اللي حضرتك اهدتهولي، ولسه لم أقرأه، اللي هو
(أ.د محمد عثمان الخشت.. نحو تأسيس عصري ديني جديد)
هل هذا الكلام الذي تقوله في هذا الكتاب تعتقد أنه مطلق، أم تشك فيه؟
أكمل شيخ الأزهر الكلام بالقول: “أنا سأتولى الإجابة عنك: إن كنت تعتقد أن هذا الكلام مطلق فقد سقط مذهبك، وإن كنت تعقتد أن كلامك مشكوك فيه، فأرجو حين تتأكد منه، فساعتها قم بإهداء الكتاب لي مرة أخرى”.
وبعد انتهاء مداخلة الإمام الطيب، طلب الخشت الرد مرة ثانية علي الإمام الطيب، ولكن الدبلوماسي المحنك يعرف البروتوكول جيدًا، فرفض مداخلة أخرى من الخشت.
وبكل حزم كاد أن يُنهي الجلسة، دون أن يتكلم الخشت مرة أخرى.
ولكن شيخ الأزهر استسمح الدبلوماسي عمرو موسى أن يتيح للخشت الرد عليه مرة أخرى.
وقام الخشت بالتعقيب بالفعل.
ولم يعقب شيخ الأزهر على كلام الخشت مرة أخرى، ولم يطلب ذلك أصلا!
فما دلالة الموقف نفسيًا؟ أولًا من السيد عمرو موسى الذي رفض ثم وافق؟
وثانيًا موقف الطيب شيخ الأزهر، وثالثًا موقف الخشت الذي صمم أن يأخذ مداخلة أخرى؟
أيها القراء: ندع تحليل مناظرة شيخ الأزهر والإجابة لكم.
عزيزي القاريء: هذه مناظرات علمية نحتاجها في عالمنا العربي، وخاصة الأكاديمي منه، ولكن لا بد أن يكون عند أصحابها ثبات انفعالي، فكيف نمتلك هذه الثبات الانفعالي.
دكتور تواصل يسرد لكم في مناظرة شيخ الأزهر 10 نصائح، حتى تكونوا أكثر ثباتا في أي مناظرة:
قم بتدريب نفسك على الهدوء والاسترخاء، فإن الأمر يأتي بالتدريب والاتزان والصبر.
انتبه جيدًا إلى لغة جسدك أثناء الحوار، فقد يكون كلامك جيدًا، ولكن لغة جسدك تعبر عن شيء معاكس.
فقم بالتدرب جيدًا على الاستعمال الجيد للغة جسدك، فلا تهمل الأمر، فإن لغة الجسد أصبحت أحد العلوم الضرورية التي تدرس الآن في الجامعات.
أثناء المناظرة، تناول كوبًا من الماء، فإنه مفيد في تهدئة الأعصاب.
ولكن انتبه إلى لغة جسدك، استعمل جسدك ويديك وعينيك أثناء الشرب بشكل يظهرك قويًا.
إذا شعرت بالضغط العصبي، حاول أن تأخذ نفسًا عميقًا، عدة مرات، ولكن انتبه أيضا إلى لغة جسدك، وخذ نفسك العميق بهدوء، وبشكل غير ظاهر كثيرًا.
لا تغضب، لا تعضب، لا تغضب.
هذه نصيحة نكررها ثلاث مرات وليس تكرارًا بسبب الخطأ، فهي نصيحة جد خطيرة، فالغضب يؤدي إلى الهزيمة.
لا تهاجم، وقم بالرد بالحجة والمنطق والبيان، فالهجوم سيجعلك تفتقد مكامن قوتك، أما الرد العقلاني فهو سبيلك إلى الربح.
تعلم كيف تعيد برمجة عقلك على عدم الانفعال، فبرمجة العقل في هذا الأمر ممكنة جدًا.
احترم خصمك بشكل جيد، لا تستهون به.
امدح مناظرك واذكر عنه بعض جمل الثناء في بداية المناظرة أو أثنائها، فإن ذلك يمنحك موقفًا أفضل.
أخيرًا.. أجعل ممارسة الرياضة جزء من حياتك اليومية، فإن لها مردودًا رائعًا في الصحة النفسية، والتي تنعكس إيجابًا على ثباتك الانفعالي.